جرائم الجلسات
تقديم
الأصل في جرائم الجلسات أن تتم إحالة مرتكب الجريمة على الجهة المختصة طبقا للقواعد العادية للاختصاص حيث تجري محاكمته وفق المسطرة الجاري بها العمل إلا ان المشرع خرج على هذه القاعدة في حالة ارتكاب فعل يشكل جناية أو جنحة أو مخالفة أمام محكمة تنظر في جريمة أخرى وهي ما يعرف بجرائم الجلسات بحيث تختص المحكمة التي ارتكب الفعل أمامها بالنظر في القضية خلافا للقواعد العادية الراجعة للاختصاص أو المسطرة.
وهذا ما نص عليه المشرع في المادة 269 من ق م ج.
المطلب الأول : إثارة الضوضاء بالجلسة والإخلال بنظامها
يجب التمييز بين الحالة التي ترتكب فيها الجريمة من طرف المتهم والحالة التي ترتكب فيها من طرف الغير .
الفقرة الأولى : إثارة الضوضاء من طرف المتهم
اذا أحدث المثهم اضطربا بقاعة الجلسات أو أي محل آخر يباشر فيه تحقيق قضائي بصفة علنية أمر رئيس الهيئة بطرده من الجلسة وتتابع المناقشات في غيبته.
مع الإشارة إلى أن المقصود في المادة 358 من ق م ج هو رئيس الهيئة الحاكمة وليس رئيس المحكمة الذي يستبعد حضوره إلى قاعة الجلسة لطرد المتهم الذي أحدث الاضطراب.
أولا -حالة المتهم المعتقل
فإذا كان المتهم معتقلا نقل إلى المؤسسة السجنية وتبلغ إليه كافة الإجراءات التي تمت في غيبته حيث يتعين على كاتب الضبط بعد انتهاء الجلسة الانتقال إلى السجن ويتلو عليه محضر المناقشة وملتمسات النيابة العامة والحكم أو القرار التمهيدي الصادر في حقه منذ طرده من الجلسة.
ثانيا- حالة المتهم غير المعتقل
جاءا كان المتهم غير معتقل يتم الاحتفاضظ به تحت حراسة القوة العمومية رهن اشارة المحكمة الى حين انتهاء المناقشات ثم يتم احضاره ونقله للجلسة ويصدر الحكم أو القرار بحضوره.
الفقرة الثانية : اثارة الضوضاء من طرف الغير
اذا كان مرتكب الاضطراب هو أحد الأشخاص الحاضرين بالقاعة بسبب تعبيره علانية عن مشاعره وأحدث اضطربا او حرض على الضوضاء بأية وسيلة من الوسائل أمر رئيس الهيئة بطرده وذلك بغض النظر عن المتابعات التي يمكن أن يتعرض لها في حالة ارتكابه جريمة تشكل جناية أو جنحة أو مخالفة .
المطلب الثاني : المسطرة المتبعة بخصوص جرائم الجلسات
لقد خص المشرع جرائم الجلسات بمسطرة خاصة تختلف حسبما اذا كان الفعل المحدث للاضطراب أثناء الجلسة يشكل مخالفة أو جنحة أو جناية .
الفقرة الأولى : الفعل المرتكب يشكل مخالفة
اذا كان الفعل المرتكب يشكل مخالفة أمر رئيس الهيئة بتحرير محضر بشأنها ويستجوب مرتكبها ويتولى الإستماع إلى الشهود ويطبق حالا العقوبة التي تنطبق على الفعل بناء على ملتمسات النيابة العامة وتكون للحكم الصادر حجية مطلقة بحيث لا يمكن الطعن فيه بأي وسيلة من وسائل الطعن العادية أو غير العادية (المادة 39 ق م ج).
الفقرة الثانية : الفعل المرتكب يشكل جنحة او جناية
اذا كان الفعل المرتكب يشكل جنحة أو جناية أمر رئيس الهيئة بتحرير محضر بالوقائع وأحال فورا مرتكب الجريمة بواسطة القوة العمومية ومستندات القضية إلى النيابة العامة المختصة (المادتان 360 و361 ) وللمحكمة أن تصدر في حق المتهم أمرا بالإيداع في السجن اذا كان حاضرا أو بالقاء القبض ان لم يمثل أمامها .
وهكذا يتضح أن المشرع أعطى للمحاكم سلطة تحريك الدعوى العمومية فيما قد يرتكب من جرائم أثناء انعقاد الجلسات بحيث تجمع بين سلطة الاتهام وسلطة الحكم في آن واحد . والغاية من ذلك هو أن هذه المحاكم تكون أكثر اطلاعا على القضية لأن الجريمة وقعت بحضورها وحفاظا على حالة التلبس وعلى القضاء وحرمته ليتمكن من أداء رسالته في جو من السكينة والهدوء ويفرض هيبته وسلطته على افراد المجتمع .
والجدير بالذكر أن جريمة إهانة هيئة المحكمة تطبق بشأنها مقتضيات الفصل 341 من قانون المسطرة المدنية ولا مجال للاحتجاج بقانون المحاماة أو بقانون الصحافة وهو نص خاص يقدم على النص العام الوارد في المادة 357 من ق م ج وقد أسند المشرع في هذه الجريمة أمر المتابعة والحكم الى الهيئة التي وقعت الجريمة أمامها وذلك تقديرا من المشرع لدور القضاء وسموه ونزاهته من كل حيف وتعسف كما أنه لم يقيد سلطة المحكمة في المتابعة والحكم بأي إجراء مسطري .


إرسال تعليق